د.ابراهيم بن حسن الخضير
انتشار الاضطرابات النفسية والعقلية قد يبدأ من سنٍ مبكرة، خاصة للأسر التي لديها تاريخ في الأمراض العقلية (الذهانية) كالفصام أو الإضطراب الوجداني ثنائي القطب، وكذلك إرتفاع نسبة الطلاب والطالبات الذين يعانون من اضطرابات القلق والإكتئاب في سن المراهقة ولا أحد يعلم بهم.. فمعظم الأهالي ثقافتهم النفسية وخبرتهم في الأمراض النفسية والعقلية تكاد تكون قليلة إن لم تكن معدومة تماماً ولا يتنبهون إلى أبنائهم أو بناتهم عند بداية المرض..! خاصةً وإن الأمراض النفسية والعقلية تنتشر أكثر في الطبقات الدنيا وفي المدارس الأقل حظاً من ناحية التفوق التعليمي وكذلك الإهتمام بالنواحي الإجتماعية والنفسية لدى الطلبة والطالبات القادمين من طبقات فقيرة مُعدمة في أكثر الحالات.
المدارس في جميع مراحلها تفتقد وجود الأخصائي النفسي المتُمكن من معرفة الاضطرابات النفسية والأمراض العقلية، يوجد في أكثر المدارس مرشد أو أخصائي إجتماعي ولكن للآسف الشديد فإن هؤلاء يتم تحويلهم في أغلب الأحيان إلى إداريين أو المساعدة في التدريس ولا يقومون بالواجب الأساسي الذي تم وضعهم من أجله وهو رعاية الحالة النفسية للطلبة والطالبات في هذه المراحل الحرجة من حياتهم.
تروي لي إحدى المرشدات الطلابيات بأن طالبة كانت تُعاني من مرض الفصام، وهو واحد من أكثر الأمراض العقلية شراسةً وتدميراً للشباب ويأتي في المرتبة الأولى بين الأمراض العقلية التي تُسبّب إعاقة للشباب في سن المراهقة بين النضج. ولكن لم يكن أحد من العاملين في المدرسة التي تدرس بها هذه الطالبة على دراية بما هو مرض الفُصام وما هي أعراضه، وحين شاهدتها هذه المرشدة الطلابية عرفت بأن هذه الطالبة تُعاني من مرض الفُصام بحكم أن أحد أقاربها كان يُعاني من مرض الفصام، وشاهدت نفس الأعراض التي كان يُعاني منها قريبها فنبّهت إدارة المدرسة بأن هذه الطالبة ليست مُشاغبة ولا عنيدة وليست كسولة وإنما تُعاني من مرض عقلي خطير هو مرض الفصام. وفعلاً عندما تم تحويلها إلى قسم الطب النفسي تم تشخيصها بأنها تُعاني من مرض الفُصام العقلي وبدأ الأطباء النفسيون علاجها من هذا المرض في بدايته، حيث كانت الطالبة في المرحلة الثانوية. لقد بدأ معها المرض بالعزلة وبالسلوكيات الغريبة وظنت المدرسات بأن هذه الطالبة ليست على مايُرام وإنها تحتاج إلى تعديل سلوكها وكذلك تدنى مستواها الدراسي بعد أن كانت متفوّقة في دراستها وهذا جعلهم لا يُفكّرون بأن هذه الطالبة الشابة المراهقة تُعاني من مرض عضال وعقلي هو مرض الفُصام، ولولا أن قيّض الله لها هذا المرشدة الطلابية والتي كان لها تجربة في معرفة أعراض مرض الفُصام بحكم مرض قريبها وإلا لما كانت الطالبة وصلت إلى العيادة النفسية وإنما كانت سوف تُعامل على أنها طالبة تدهور مستواها العلمي وبدأت بتصرفات غريبة وظنت المدرسات بأنها تحتاج إلى الحزم والشدة حتى تعود إلى صوابها بينما في واقع الأمر كانت هذه الفتاة تُعاني من أكثر الأمراض العقلية صعوبة وهو مرض الفصام والذي يحتاج إلى علاج طبي نفسي عن طريق الأدوية والعلاجات النفسية الأخرى، ويجب أن يعرف المدرسات بأن تدهور مستواها الدراسي ليس نتيجة إهمال أو تفريط في الدراسة وإنما بحكم المرض العقلي الذي تُعاني منه.
كم طالب وطالبة مثل هذه الطالبة المسكينة كانت ضحية للجهل بالأمراض النفسية والعقلية من قِبل إدارات المدارس.. نحن لا نقول بأن يكون هناك طبيب نفسي في كل مدرسة ولكن يجب أن يكون هناك أخصائي نفسي يعلم ويعرف الإضطرابات النفسية والعقلية، حتى يتم تحويل الأمراض الصعبة إلى العيادات النفسية للعلاج قبل أن يستفحل المرض. ولكن للأسف ليس هناك أخصائيون نفسيون في المدارس في مختلف المراحل، بل في المدارس لا يوجد ممرض أو ممرضة رغم أن معرفة الممرضين والممرضات بالأمراض النفسية والعقلية ليس منتشراً، ولكن نأمل في أن يكون الجيل القادم من الممرضين والممرضات الذين يمكن ان يعملوا في المدارس قد درسوا ولو بشكلٍ بسيط الأمراض والإضطرابات النفسية والعقلية لمساعدة الطلبة والطالبات فيما لو تعرّضوا لبعضٍ من هذه الإضطرابات، التي تنتشر بين الطلبة في المراحل الحرجة من حياتهم.
السلوكيات أيضاً في المدارس المتوسطة والتي يكثر فيها الإعجاب بين الطالبات والطلاب بعضهم ببعض وربما تطوّر هذا الأمر إلى أن يُصبح مشكلةٍ أخلاقية في المرحلة الثانوية. كثير من المدرسين والمدرسات وكذلك الأخصائيين الاجتماعيين ليس لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع مثل هذه الحالات، ويُكتفى بطرد الطالب أو الطالبة وتحويله إلى الدراسة عن طريق المنازل، حيث لا يحضر الطالب أو الطالبة الدراسة وإنما فقط يحضر للإمتحانات. هذا الأمر يزيد الوضع سوءً حيث يخلق فراغاً كبيراً في حياة الطالب والطالبة إضافة إلى الإقصاء من المجتمع ووصمة العار والمهانة التي يشعر بها الطالب أو الطالبة من جرّاء طردهم من المدارس بسبب مشاكل أخلاقية، وقد يلتصق هذا الأمر بالطالب أو الطالبة مما يجعلهم يشعرون بالحقد على المجتمع وربما تحولوا فعلياً إلى عناصر غير فاعلة وقد يتطوّر الأمر إلى أن يستمروا في السلوك الخاطئ حقداً على المجتمع ومحاولة الإنتقام من الإساءة التي حصلت لهم وربما تهوروا خاصةً إذا لحقت بهم السمعة السيئة في المحيط الذي يعيشون فيه.. بينما كان يُمكن إحتواء مثل هذه السلوكيات الخاطئة لو كان هناك أخصائي نفسي وإجتماعي وكذلك مُرشد طلابي حاولوا مساعدة الطالب أو الطالبة بدلاً من هذا العقاب الذي يُدّمر مستقبل وحياة بعض الطلبة والطالبات.
إن سن المراهقة مرحلة خطرة ويُعاني فيها الشباب والفتيات مشاكل نفسية وإجتماعية وجنسية تجعلهم يعيشون دوامةً من عدم الإستقرار والذي قد يقود إلى تدني مستواهم الدراسي وربما قاد إلى ماهو أكثر من ذلك من إنحراف خُلقي وإضطرابات سلوكية ضد المجتمع.
إنني آمل من وزارة التربية والتعليم وهي وزارة من أهم الوزارات وحظيت ربما بأكبر ميزانية في الوزارات غير العسكرية، وهذا يُلقي على عاتقها رعاية الطلبة والطالبات ليس فقط من الناحية التعليمية ولكن أيضا التربوية ورعاية حالتهم النفسية والإجتماعية لأنهم هم مستقبل هذه الأمة وهذا البلد.. فالمريض في المراحل المتوسطة أو الثانوية إن لم يُعالج تراكمت عليه الهموم وأصبح مريضاً في الكِبر يُشكّل عبئاً على المجتمع وعلى عائلته.
انتشار الاضطرابات النفسية والعقلية قد يبدأ من سنٍ مبكرة، خاصة للأسر التي لديها تاريخ في الأمراض العقلية (الذهانية) كالفصام أو الإضطراب الوجداني ثنائي القطب، وكذلك إرتفاع نسبة الطلاب والطالبات الذين يعانون من اضطرابات القلق والإكتئاب في سن المراهقة ولا أحد يعلم بهم.. فمعظم الأهالي ثقافتهم النفسية وخبرتهم في الأمراض النفسية والعقلية تكاد تكون قليلة إن لم تكن معدومة تماماً ولا يتنبهون إلى أبنائهم أو بناتهم عند بداية المرض..! خاصةً وإن الأمراض النفسية والعقلية تنتشر أكثر في الطبقات الدنيا وفي المدارس الأقل حظاً من ناحية التفوق التعليمي وكذلك الإهتمام بالنواحي الإجتماعية والنفسية لدى الطلبة والطالبات القادمين من طبقات فقيرة مُعدمة في أكثر الحالات.
المدارس في جميع مراحلها تفتقد وجود الأخصائي النفسي المتُمكن من معرفة الاضطرابات النفسية والأمراض العقلية، يوجد في أكثر المدارس مرشد أو أخصائي إجتماعي ولكن للآسف الشديد فإن هؤلاء يتم تحويلهم في أغلب الأحيان إلى إداريين أو المساعدة في التدريس ولا يقومون بالواجب الأساسي الذي تم وضعهم من أجله وهو رعاية الحالة النفسية للطلبة والطالبات في هذه المراحل الحرجة من حياتهم.
تروي لي إحدى المرشدات الطلابيات بأن طالبة كانت تُعاني من مرض الفصام، وهو واحد من أكثر الأمراض العقلية شراسةً وتدميراً للشباب ويأتي في المرتبة الأولى بين الأمراض العقلية التي تُسبّب إعاقة للشباب في سن المراهقة بين النضج. ولكن لم يكن أحد من العاملين في المدرسة التي تدرس بها هذه الطالبة على دراية بما هو مرض الفُصام وما هي أعراضه، وحين شاهدتها هذه المرشدة الطلابية عرفت بأن هذه الطالبة تُعاني من مرض الفُصام بحكم أن أحد أقاربها كان يُعاني من مرض الفصام، وشاهدت نفس الأعراض التي كان يُعاني منها قريبها فنبّهت إدارة المدرسة بأن هذه الطالبة ليست مُشاغبة ولا عنيدة وليست كسولة وإنما تُعاني من مرض عقلي خطير هو مرض الفصام. وفعلاً عندما تم تحويلها إلى قسم الطب النفسي تم تشخيصها بأنها تُعاني من مرض الفُصام العقلي وبدأ الأطباء النفسيون علاجها من هذا المرض في بدايته، حيث كانت الطالبة في المرحلة الثانوية. لقد بدأ معها المرض بالعزلة وبالسلوكيات الغريبة وظنت المدرسات بأن هذه الطالبة ليست على مايُرام وإنها تحتاج إلى تعديل سلوكها وكذلك تدنى مستواها الدراسي بعد أن كانت متفوّقة في دراستها وهذا جعلهم لا يُفكّرون بأن هذه الطالبة الشابة المراهقة تُعاني من مرض عضال وعقلي هو مرض الفُصام، ولولا أن قيّض الله لها هذا المرشدة الطلابية والتي كان لها تجربة في معرفة أعراض مرض الفُصام بحكم مرض قريبها وإلا لما كانت الطالبة وصلت إلى العيادة النفسية وإنما كانت سوف تُعامل على أنها طالبة تدهور مستواها العلمي وبدأت بتصرفات غريبة وظنت المدرسات بأنها تحتاج إلى الحزم والشدة حتى تعود إلى صوابها بينما في واقع الأمر كانت هذه الفتاة تُعاني من أكثر الأمراض العقلية صعوبة وهو مرض الفصام والذي يحتاج إلى علاج طبي نفسي عن طريق الأدوية والعلاجات النفسية الأخرى، ويجب أن يعرف المدرسات بأن تدهور مستواها الدراسي ليس نتيجة إهمال أو تفريط في الدراسة وإنما بحكم المرض العقلي الذي تُعاني منه.
كم طالب وطالبة مثل هذه الطالبة المسكينة كانت ضحية للجهل بالأمراض النفسية والعقلية من قِبل إدارات المدارس.. نحن لا نقول بأن يكون هناك طبيب نفسي في كل مدرسة ولكن يجب أن يكون هناك أخصائي نفسي يعلم ويعرف الإضطرابات النفسية والعقلية، حتى يتم تحويل الأمراض الصعبة إلى العيادات النفسية للعلاج قبل أن يستفحل المرض. ولكن للأسف ليس هناك أخصائيون نفسيون في المدارس في مختلف المراحل، بل في المدارس لا يوجد ممرض أو ممرضة رغم أن معرفة الممرضين والممرضات بالأمراض النفسية والعقلية ليس منتشراً، ولكن نأمل في أن يكون الجيل القادم من الممرضين والممرضات الذين يمكن ان يعملوا في المدارس قد درسوا ولو بشكلٍ بسيط الأمراض والإضطرابات النفسية والعقلية لمساعدة الطلبة والطالبات فيما لو تعرّضوا لبعضٍ من هذه الإضطرابات، التي تنتشر بين الطلبة في المراحل الحرجة من حياتهم.
السلوكيات أيضاً في المدارس المتوسطة والتي يكثر فيها الإعجاب بين الطالبات والطلاب بعضهم ببعض وربما تطوّر هذا الأمر إلى أن يُصبح مشكلةٍ أخلاقية في المرحلة الثانوية. كثير من المدرسين والمدرسات وكذلك الأخصائيين الاجتماعيين ليس لديهم الخبرة الكافية في التعامل مع مثل هذه الحالات، ويُكتفى بطرد الطالب أو الطالبة وتحويله إلى الدراسة عن طريق المنازل، حيث لا يحضر الطالب أو الطالبة الدراسة وإنما فقط يحضر للإمتحانات. هذا الأمر يزيد الوضع سوءً حيث يخلق فراغاً كبيراً في حياة الطالب والطالبة إضافة إلى الإقصاء من المجتمع ووصمة العار والمهانة التي يشعر بها الطالب أو الطالبة من جرّاء طردهم من المدارس بسبب مشاكل أخلاقية، وقد يلتصق هذا الأمر بالطالب أو الطالبة مما يجعلهم يشعرون بالحقد على المجتمع وربما تحولوا فعلياً إلى عناصر غير فاعلة وقد يتطوّر الأمر إلى أن يستمروا في السلوك الخاطئ حقداً على المجتمع ومحاولة الإنتقام من الإساءة التي حصلت لهم وربما تهوروا خاصةً إذا لحقت بهم السمعة السيئة في المحيط الذي يعيشون فيه.. بينما كان يُمكن إحتواء مثل هذه السلوكيات الخاطئة لو كان هناك أخصائي نفسي وإجتماعي وكذلك مُرشد طلابي حاولوا مساعدة الطالب أو الطالبة بدلاً من هذا العقاب الذي يُدّمر مستقبل وحياة بعض الطلبة والطالبات.
إن سن المراهقة مرحلة خطرة ويُعاني فيها الشباب والفتيات مشاكل نفسية وإجتماعية وجنسية تجعلهم يعيشون دوامةً من عدم الإستقرار والذي قد يقود إلى تدني مستواهم الدراسي وربما قاد إلى ماهو أكثر من ذلك من إنحراف خُلقي وإضطرابات سلوكية ضد المجتمع.
إنني آمل من وزارة التربية والتعليم وهي وزارة من أهم الوزارات وحظيت ربما بأكبر ميزانية في الوزارات غير العسكرية، وهذا يُلقي على عاتقها رعاية الطلبة والطالبات ليس فقط من الناحية التعليمية ولكن أيضا التربوية ورعاية حالتهم النفسية والإجتماعية لأنهم هم مستقبل هذه الأمة وهذا البلد.. فالمريض في المراحل المتوسطة أو الثانوية إن لم يُعالج تراكمت عليه الهموم وأصبح مريضاً في الكِبر يُشكّل عبئاً على المجتمع وعلى عائلته.